على الرغم من كونِ كاتب هذه
الرواية باحثاً
متخصصاً في مجال السكان ودراسات
الهجرة،
إلا أن هذا العمل البديع يؤكد بما لا يدع مجالاً
للشك أن قدرته على الحكي - الذي يغلب عليه طابع
التصوير السينمائي- تُودِعُ لدى قارئه نوعاً من النَهَمِ والشَغَف لدرجةٍ تجعله لا يستطيع أن يترك له
عملاً حتى يكمِلَه
عن آخِرَه. لقد قرأت روايته هذه في جِلسةٍ
واحدة ولم أتمكن من سَلسََلتِها – كما أفعل عادةً مع
غيرها – من فرط التشويق والمتعة وخيال المؤلف
الخصب في تصوير الشخصيات.
هذه الرواية التي تحكي قصة
الشاب صابر ورحلته الى "الجنة الاوروبية" أو "جنة
اليورو"، كما يسميها الكاتب على لسان بطل الرواية،
بما فيها من تراجيديا إنسانية مؤلمة تدور أحداثها
في دولٍ
عدة هي مصر وليبيا وإيطاليا، ولكن
يبقى
مسرح الرواية الأول بلا شك هو البحر المتوسط الذي
يبتلع في جوفه العديد من أبناء القارة السمراء
الحالمين بالسفر الى أوروبا هرباً
من واقعٍ
أليمٍ وطمعا في مستقبلٍ أفضل.
تقدم هذه الرواية نوعية جديدة
من الأدب القصصي المبني على الخبرة الشخصية والخلط
بين أدوات البحث في العلوم الإجتماعية والأدب
الروائي، وقد يحارُ
المرءُ في تصنيف هذا النوع من الأعمال؛ فيتساءل:
هل هو نوع من الروايات الواقعية؟ أم أنه بحث علمي
قائم على دراسة الحالة؟ أم هو أسلوب جديد من
أساليب البحث الإجتماعي القائم على المعايشة
والأنثروبولوجي الممزوجتان بقدرات أدبية وإنسانية
شديدة الحس والتأثر؟
صلاح عبد التواب
كُتُب أخرى للمؤلف |