د. أيمن زهري
خبير السكان ودراسات الهجرة


 

لعب عيال

 

 نسخة الكترونية مجانية على نسق PDF

 

 إعتاد الناس في مصر أن يكتب السيرة الذاتية السياسيون والأدباء والكتاب والفنانون والعلماء والمفكرون. ربما رسّخ هذا المفهوم كلاسيكيات السيرة الذاتية التي تربينا عليها من أمثال الأيام للدكتور طه حسين وحياتي للأستاذ أحمد أمين والبحث عن الذات للرئيس الراحل محمد أنور السادات، والحديث منها مثل كتاب ماذا علمتني الحياة للدكتور جلال أمين.

 

وعلى الرغم مما تمثله السيرة الذاتية من تسجيلٍ لمناحي الحياة من خلال المسيرة الشخصية لكاتبها، والتي تمثل بدورها جزء من إيقاع الحياة وشهادات حية لكتابها حول الحياة الإجتماعية والأدبية والفنية والإقتصادية والسياسية التي عاصروها وأثروا وتأثروا بها، إلا أن الإنتاج المصري في هذا المجال يعد قليلاً مقارنا بزخم الحياة الإجتماعية والإقتصادة والسياسية والفكرية لبلد بحجم مصر.

 

وربما تعزى قلة الإنتاج في هذا المجال المعرفي في الحالة المصرية لسببين رئيسيين، السبب الأول هو النظر للسيرة الذاتية على أنها نوع من الحديث عن النفس المنهى عنه في الثقافة المصرية بإعتباره نوع من الأنوية والتفاخر بالذات أو ربما، في بعض الأحيان، نوع من فضح الذات. السبب الثاني هو الاعتقد السائد بأن السيرة الذاتية يجب أن تكتب قبل أن يبلغ العمر منتهاه وهو السبب الذي ربما يؤدي الي تأجيل الراغبين في كتابة سيرهم الذاتية الى أن يقضي الله أمراً كان معلوما، وبذلك تفقد الأمة توثيق تلك التجارب.

 

على الرغم من أنني لا أنتمي الى كافة الطوائف المذكورة آنفا بإعتباري باحث أكاديمي وتطبيقي مجتهد، إلا أن ما عايشته على مدى القرون الخمسة السابقة قد يسمح لي أن أسطر بعضه في هذا الكتاب. على الرغم أن السيرة الذاتية عادة تعد ككشف حساب لعمر مديد، إلا أن هذا الكتاب يقتصر على فترة الطفولة التي قضيتها في إحدي القرى النائية في صعيد مصر بالإضافة الى بضع سنوات قضيتها، مع الأسرة بالخارج.

 

كنت قد نشرت غالبية ما بين دفتي هذا الكتاب في شكل رواية صدرت لي عام 2015، وعلي الرغم من أن الشكل الروائي يعد من أرقى أنواع كتابة السيرة الذاتية، إلا أنني قد وجدت أن الكتابة بالشكل التقليدي السردي لتلك المرحلة من عمري ربما يسمح لي، بصورة أكبر، في التواصل المباشر مع القارئ.

 

حياتي في القرية المصرية ربما تماثل أو ربما تتطابق مع حيوات العديد من أبناء جيلي، لذلك فإن كتابتي لسيرتي الذاتية لا تهدف بشكل مباشر الى توثيق تجربتي الشخصية، بقدر ما تهدف الى توثيق تجربة جيلي، كما أنها تهدف بالأساس الي تصوير أوضاع القرية المصرية – الصعيدية – في ستينات وسبعينات القرن العشرين.

 

لا أخفيكم سراً أنني تأثرت كثيرا بكتاب الأيام للدكتور طه حسين الذي قرأته عدة مرات في كافة مراحل حياتي حتى أنني زرفت الدمع تأثراً بمعاناة هذا الرجل وصموده في مواجهة تقلبات الحياة.

 

 
كُتُب أخرى للمؤلف

 
 

Ayman Zohry on Facebook

 
 

Home Page Index


P.O. Box 30 - El-Malek El-Saleh (11559) - Cairo - Egypt

e-mail: